مشروع الهوية البصرية... عمارة مصرية مشوهة وشعارات مسروقة

مشروع الهوية البصرية... عمارة مصرية مشوهة وشعارات مسروقة

26 ابريل 2024
المشروع يهدف إلى خلق طابع بصري خاص لكل مدينة مصرية (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محافظة القاهرة تطلق مشروع "الهوية البصرية للمدن المصرية" لتجميل الطرق المؤدية للمتحف المصري الكبير، مع التركيز على تحسين الطريق الدائري بإضافة مساحات خضراء وإضاءة.
- المشروع يلقى اهتماماً واسعاً على وسائل التواصل بعد تداول صور تماثيل ورسومات فرعونية، مؤكداً على تناسب التصميمات مع الهوية المصرية ومعايير تطوير الطرق العالمية.
- جدل حول استخدام شعار مشابه لجمعية إيطالية يؤدي إلى اتهامات بالسرقة الفكرية وإزالة الشعار، مما يثير تفاعلات ساخرة وتساؤلات حول عدم الاستعانة بمتخصصين مصريين.

في إطار الاستعدادات الحاصلة في مصر حالياً لافتتاح المتحف المصري الكبير، أعلنت محافظة القاهرة بدء العمل في مشروع لتجميل واجهات المباني على الطرق المؤدية إلى المتحف. يطلق على هذا المشروع اسم الهوية البصرية للمدن المصرية، ويهدف إلى خلق طابع بصري خاص لكل مدينة ومحافظة في مصر. كما أن العاملين على هذا المشروع في سباق مع الزمن، قبل موعد افتتاح المتحف، الذي من المنتظر إعلانه خلال الأسابيع القليلة القادمة.

ويُعَدّ الطريق الدائري المحيط في القاهرة أحد المحاور الرئيسية في مشروع الهوية البصرية، وقد أنشئ في ثمانينيات القرن الماضي كأحد الحلول العملية للأزمة المرورية في العاصمة. أسهم هذا الطريق بالفعل في سيولة الحركة بين أطراف المدينة وضواحيها، ووفر الوقت للقادمين إليها من المدن الأخرى، لكنه تحول مع مرور السنوات إلى رمز لسياسات طويلة من الإهمال والتراخي والفساد الإداري. خلال هذه السنوات، نشأ حول هذا الطريق العديد من التجمعات العمرانية العشوائية على حساب الرقعة الزراعية المحيطة بالقاهرة، والتي أصبحت مع الوقت نموذجاً للعشوائية والتشوه العمراني.

يتضمن مشروع الهوية البصرية إنشاء مساحات خضراء وتشجير جانبَي هذا الطريق، مع تزويده بعناصر إضاءة تُضفي عليه لمسة جمالية وتُحسّن من مستوى الرؤية الليلية. وقد أكدت وزارة التعليم العالي، وهي إحدى الجهات المسؤولة عن تنفيذ المشروع، أن جميع التصميمات المنفذة على جانبَي الطرق المؤدية إلى المتحف قد دُرست بعناية فائقة لتتناسب مع هوية مصر وتاريخها، مع مراعاة المعايير العالمية في مجال تطوير الطرق.

خلال الأيام القليلة الماضية، انتشرت بين رواد وسائل التواصل الاجتماعي في مصر منشورات عديدة حول هذا المشروع الطموح. تُظهر المنشورات صوراً لتماثيل ورسومات فرعونية تزين واجهات المباني المطلة على الطريق الدائري.

الصورة
الهوية البصرية المصرية
رسومات فرعونية تزين واجهات المباني المطلة على الطريق الدائري (إكس)

بين هذه الشعارات والرسوم المستخدمة لتجميل الطريق، سلّط رواد مواقع التواصل الضوء على شعار المشروع، الذي يتكرر ظهوره على واجهات المباني. يتكون الشعار من خمسة خطوط مختلفة الأشكال، لكنه يتشابه حدّ التطابق مع شعار لإحدى الجمعيات الإيطالية المعنية بالتنمية البيئية (Terra Fertile)، إلى جانب تصميمات أخرى للجمعية نفسها وضعها استوديو تصميم إيطالي يحمل اسم Ottone Studio.

تساءل الكثيرون عن سرّ وجود هذا الشعار وعلاقة الجمعية الإيطالية بمشروع تجميل القاهرة، وإذا ما كانت هناك شراكة بين الجمعية والحكومة المصرية للعمل على مشروع الهوية البصرية للعاصمة المصرية.

الصورة
الهوية البصرية المصرية
يتشابه شعار المشروع حدّ التطابق مع شعار جمعية Terra Fertile الإيطالية (إكس)

لم ترد الجهات المسؤولة عن المشروع في حينها، ولكن اتضح لاحقاً أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعاون بين الحكومة المصرية والجمعية الإيطالية، فكل ما في الأمر أن شعار الجمعية قد نُسخ عن شبكة الإنترنت واستُخدم شعاراً للمشروع، مع إضافة اسم القاهرة باللغة العربية والإنكليزية إليه.

لم يصدر تعليق من الجهات المسؤولة عن مشروع الهوية البصرية إلا بعد أيام من انتشار هذه الصور. في البداية، نفى مصدر مسؤول في محافظة القاهرة، بحسب تصريح نشرته إحدى الصحف المحلية، أن يكون التصميم قد سُرق، بدليل أن الجمعية الإيطالية لم تتقدم بشكوى تفيد سرقة شعارها. لم يعجب هذا التبرير بالطبع كثيرين، واعتبروا التصريح نوعاً من التحايل ومحاولة للتنصل من الأمر. لكن بعد ساعات من هذا التصريح، أعلنت محافظة القاهرة إزالة الشعار.

الصورة
الهوية البصرية المصرية
أضيف على الشعار المسروق كلمة القاهرة (إكس)

ومن جانبها أيضاً، أعلنت وزارة التعليم العالي أن هذه الرسوم والتصميمات كانت على سبيل التجربة لا أكثر. لكن تسببت هذه التصريحات أيضا في إثارة المزيد من التفاعل والتعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ استهجن المتابعون سياسة عدم الاعتراف بالخطأ التي تنتهجها الجهات المسؤولة، في سلوك متكرر خلال الفترة الأخيرة.

أعادت هذه الواقعة من جديد الحديث عن فضيحة تصميمات مترو الأنفاق، التي أدينت فيها مصممة الغرافيك المصرية غادة والي بسرقة تصميماتها من الفنان الروسي جورجي كوراسوف. وكان الفنان قد رفع دعوى قضائية أمام المحاكم المصرية، مطالباً بالتعويض، وأُدينت والي على إثرها، وحُكم عليها بالحبس ستة أشهر، وتغريمها 10 آلاف جنيه.

الصورة
اتهام المصرية غادة والي بسرقة رسومات فنان تشكيلي روسي - فيسبوك
أدينت المصممة المصرية غادة والي بسرقة تصميماتها من الفنان الروسي جورجي كوراسوف (فيسبوك)

واستهجن العديد من الفنانين، ومصممي الغرافيك المصريين، مثل هذه التصرفات التي تنتهجها بعض الجهات المسؤولة في الدولة. وتساءلوا عن سبب إحجام هذه الجهات عن الاستعانة بمتخصصين مصريين في مجال التصميم، بدل اللجوء إلى مثل هذه التصرفات غير المأمونة، خصوصاً أن مصر لا تفتقر إلى مثل هذه الخبرات والكفاءات الفنية.

المساهمون